بعد ستة عقود من العلاقات الاستخبارية والعسكرية والسياسية والثقافية السرية بين إسرائيل والمغرب، قررت تل أبيب والرباط في الأسبوع الماضي تطبيع العلاقات بين البلدين.
في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية للكاتب يوسي ميلمان، في 16 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، عودةٌ إلى تاريخ العلاقات السرية بين البلدين، حيث يشير الكاتب إلى أن كل رؤساء الموساد من الستينيات وحتى الرئيس الحالي يوسي كوهين زاروا المغرب، والتقوا بقادتها ورؤساء استخباراتها، ما جعل الصحافيين الإسرائيليين يصفون العلاقات بين الرباط وتل أبيب الأكثر ثباتاً في العالم العربي.
حتى في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، كانت لإسرائيل اتصالات مع المغرب حينما كانت خاضعة للحكم الفرنسي، لكن العلاقات اكتسبت زخماً حقيقياً بعد حصول المغرب على الاستقلال عام 1956. فما أبرز ما تضمنه تقرير ميلمان حول تفاصيل هذه العلاقة؟
بداية الاتصال
كان الفرنسيون يسمحون لليهود المغاربة بالهجرة الى فلسطين حيث وصل عدد المهاجرين إلى 70 ألف، لكن الملك محمد الخامس قيّد حق اليهود في السفر ومنع هجرتهم إلى إسرائيل، بل أعلن أن "الصهيونية جريمة" عام 1959.
اعتقد الملك المغربي، كما فعل الحكام العرب الآخرون، أن أي شخص ينتقل إلى إسرائيل لن يقوم فقط بدعم الدولة اليهودية، ولكن سيكون مجنداً لمحاربة العرب، ومن ضمنهم الموجودين في المغرب.
ومع ذلك، يروي ميلمان أن الموساد حاول إيجاد طريقة للالتفاف على قرارات الملك، فحشد فريقاً من الجواسيس الإسرائيليين، أغلبهم من اليهود المغاربة، وجميعهم من الناطقين بالفرنسية والعربية، وذلك لابتكار طرق لترحيل ما تبقى من 150 ألف يهودي من المغرب.
أُطلق على هذا الفريق اسم "ميسغيريت"(إطار)، وكان مسؤولاً ليس فحسب عن تعزيز الهجرة غير الشرعية إلى إسرائيل، ولكن أيضاً عن تنظيم وحدات للدفاع عن المجتمعات اليهودية من التهديدات والمضايقات من قبل الأغلبية العربية المسلمة المعادية.
كان شموئيل توليدانو، أحد عملاء الموساد، مسؤولاً عن قيادة هذا الفريق الذي تم تسليحه طوال فترة المهمة التي استمرت خمس سنوات في المغرب.
رتبت عملية "مسجريت" سيارات أجرة وشاحنات لنقل اليهود من المغرب، وحملت الأموال اللازمة لدفع رشاوى لجميع الضباط المغاربة على طول الطريق. وكان الطريق المفضل لخروجها عبر مدينة طنجة التي كانت في ذلك الوقت "مدينة دولية"، ومن مينائها على متن قوارب إلى إسرائيل.
اقرأ المزيد
